العباءة في مجتمعنا الشرقي تعبر عن تراث وعادات وتقاليد البلد أو القرية التابعة له، فكل بلد وقرية طراز خاص في صنع عباءاته، والعباءات موجودة لرجال بطابع خاص له وللمرأة ايضاً، والعباءات قديماً كان يرتديها الفلاح أو الراعي فوق الثياب وهي رداء خشن واسع بلا كمين، وأما عند النساء فعرفت قديماً بالبساطة والسعة وسهولة الحركة وبدون أكمام .
وحديثاً أصبحت العباءة نموذجاً حي وصادق لتاريخ الآجداد، فهو يعبر عن كنوزهم من أقوال وحكم وحكايات وأغاني وأمثال شعبية ومحاكاة لتجارب الإنسانية المختلفة .
ولكل بلد طابع خاص في حياكة وتطريز الثوب الخاص بها، وفيما يلي ذكر لأنواعهم بحسب البلد التي تنتمي إليها :
• العباءة الفلسطينية :
فهي مصنوعة من الصوف وتخاط بواسطة قطع مستطيلة من القماش المزخرف بألوان زاهية، وتكون فضفاضة تستر الجسد وتحافظ من خلالها على وقارها وحشمتها، وهناك أيضاً أمثال شعبية على العباءات من وحي التراث الفلسطيني ((سلّكني وخذ عباتي )).. ويعني أصفح عني وخذ بالمقابل عباءتي، وهي مكونة من نسيج من الصوف او الكاشمير الثمين، وهي تعد من أهم وأثمن المقتنيات التي يعد فقدانها اوضياعها كارثة بحق صاحبها .
• العباءة الأردنية :
وهي أيضاً تكون فضفاضة ويستعمل في صنعها قماش إسمه الحَبَر والمخمل والجورجيت وتكون مطرزة بنقوش تعود لتراث الأردني بخيوط ملونة منها ما هو من الصوف والحرير .
ويطلق عليها إسم ( الشرش أو الثوب والمِدرَجة.. الخ)
ويضعون على رأسهم قبعة يطلقون عليها (عُرجة ) وتحتوي على أنصاص أو ارباع أو ليرات من الذهب المحاكة عليها .. وأحياناً يحاك عليها الخرز.
و الرجل لهُ عباءة خاصة مصنوعة من الحرير وانواع آخرى من القماش الخفيف، ويغطى الرأس يكون إسمه شماغ ويوضعه عليه ما يسمى (عجال) والقمباز أو ثوب بنطال ( سروال تحت الثوب ) وفوق العباءات .
وهناك العديد من الأمثال الشعبية التي تطلق على العباءات الأردنية، فمثلاً :
• ((العباه بدها قبّة )) ... ويضرب في ما يظنه الآخرون كاملاً وهو ناقص .
• ((عباتي وَنا بيها )) ... ويضرب في من يعرف بالأمور معرفة جيدة .
• ((عباءة العم و عباءة الخال )) ... وهي تقال في أثناء طلب العروس ويتوجب على العريس إهداء واحدة الى عم العروس وآخرى الى خالها، وذلك نوع من الإكرام للأهل عروسه.
العباءة العراقية :
فهي متميزة بنوعية قماشها وحياكتها وهي من أقدم الصناعات النسيجية اليدوية، فيستخدم صوف نقي ذات مواصفات عالية، والقماش المستخدم في صنعها من أغلى أنواع القماش، ولها تسميات عديدة منها الخاجية أو الهدم أو البشت، وهي تعكس طبيعة النسيج الإجتماعي في بلاد الرافدين ومنظومة قيم أبنائها ..
ومن أمثالهم :
• ((حسدتني على فجّة عباتي )) والفجة هي إحدى القطعتين اللتين تُخاط منهما العباءة، أي نصف عباءة، ولا يحسد من يملك نصفها .
• (( شوف عباته و اخطب بناته )) ويقال عند تزويج الفتاة، لدلالة على الشرف وعلو النسب والمكانة .
العباءة اللبنانية :
تصنع من القطن مع الخمار المطرز والأنيق، ومطرزة بالحرير الغالي الثمن والمستخرجة من دودة القز وسهل اللباس، وتصمم من قطعتين الأول ( مقفلة ) وتكون بسيطة بحيث يأتي فوقها آخرى مفتوحة تكون مزخرفة ومزينة .
ومن الأمثلة عليها:
• (( قالوا فراق البدوي بعبا .. قلت يكون بسوق العبي كله )) ...وبمعنى أنه إذا كان ثمن التخلص من غلاظة البدوي منحة عباءة، وعلى ذلك فليأخذ سوق العباءات كله .
• (( هالعباية ياما قطعّت فِري )) ويقال في حالت التعجب من استنفاذ الغالي والنفيس لمصلحة الرخيص.
وكانت لفظة العباءة تقال للإنذار والتنبيه فمثلاً عند أهل الشام كانت تقال عبارة ((ولك عباية )) وهي صرخة كانت تطلق لدلالة على وصول دورية الشرطة .
وفي أسواق بيروت كانت تطلق كلمة سرية بصوت منخفض وهي ((عباية عباية )) فهذا التعبير متداول بين دكاكينها المخالفة للقانون أو غير سريعة في سوق يدعى (( سوق النورية أو سوق اللحامين )) وكان يدل على وصول الحكومة وضرورة أخذ الحذر .
وهم كانوا يربطون بين فعل العباءة بما تقوم به من ستر العيوب، وبين ما يقومون به من مخالفات يتوجب عليهم سترها عند وصول الحكومة أو الشرطة .
وفي معجم الألفاظ تستخدم تعبير ((على غير عباية )) أي من دون قصد، وحديثاً ظهرة العباءات بأشكال وألوان تقوم العارضات بإرتداءها وعرضها بأرقى دور للأزياء وهي تلبس في المناسبات الخاصة جداً، وتلعب دور مهم في نقل التراث والأمثال الشعبية والعباءات ترمز لثراء والغنى، وتلبس في هذه المجالس.
وهي آخر مقتنيات الفقير فهو لا يستطيع أن يرتديها نظراً لغلائها.
